قال: [وقال عبد الله بن المبارك رحمه الله: [ لو هم رجل في السحر أن يكذب في الحديث ] ] أي: قال: سأكذب غداً، سأجلس ضحىً أو بعد صلاة الفجر، وأقول للناس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، قال: [ [لأصبح والناس يقولون: فلان كذاب ] ]<\m> فانظر إلى حكمة الله عز وجل، لو هم أن يكذب في السحر قبل أن يصبح فينشر الحديث الذي يضعه على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصبح الناس يقولون: فلان كذاب. إذ إن الله في قلوب أهل الصنعة وأهل الخبرة أن هذا كذاب؛ ولذلك يوجد ممن يوصف بالكذب والوضع في الحديث أئمة في الزهد وفي العبادة وفي الصلاح وفي الذكر لكن كان بعضهم يقول: أنا أضع الحديث للرسول عليه الصلاة والسلام لا عليه! أي: أنه يضع الحديث لمصلحة الدين أو لمصلحة الرسول، ومن ذلك: الأحاديث الموضوعة التي توردها بعض كتب التفسير في فضائل سور القرآن سورةً سورة، فهذه من الموضوعات المعروفة عند أهل الفن، فهؤلاء يقولون: رأينا الناس قد انصرفوا عن كتاب الله، فوضعنا هذه الأحاديث حتى يقبل الناس على القرآن، ومع ذلك لم يشفع لهم هذا المقصد، وإن كانوا يظنون أنه حسن فهو خبيث، بل ولم يشفع لهم زهدهم وعبادتهم وتنسكهم وتبتلهم، وإنما يقال: عابد وزاهد ولكنه يضع الحديث، وهذا مشهور جداً في كتب الرجال كما في الميزان و لسان الميزان و المجروحين وغير ذلك.